" نبذة عن المجاهد الراحل "مسعود زغار
الميلاد والنشأة
وُلِد المجاهد الراحل مسعود زغار في 8 ديسمبر 1926 لعائلة ثورية متواضعة تقطن في مدينة العلمة، التي كانت تُعرف آنذاك بـ "سانت أرنو". تلقّى تعليمه الابتدائي في مسقط رأسه، لكن ظروفه العائلية الصعبة أجبرته على تحمل المسؤولية في سن مبكرة، حيث كان والده رجلاً بسيطاً محدود الإمكانيات. دَفعه سعيه لكسب لقمة العيش إلى مغادرة الوطن نحو فرنسا وهو لم يتجاوز العاشرة من عمره، حيث عمل هناك لمدة أربعة أشهر قبل أن يعود إلى أهله لمساعدة والده في إدارة المقهى العائلي، بدلًا من مواصلة دراسته. لم يتوقف طموحه عند هذا الحد، بل بدأ في بيع الحلوى ثم انتقل إلى صناعتها بنفسه، حيث نجح في فتح ورشة خاصة لصناعة الحلوى داخل مستودع في مدينة العلمة، ليخطو بذلك أولى خطواته في عالم الأعمال، معتمدًا على الاجتهاد والمثابرة
بِدايات الانخراطِ في النِّضال
بدأ مسعود زغار انخراطه في النضال الوطني في سن مبكرة، حيث تأثر بالروح الثورية السائدة آنذاك ونشأ على مبادئ الحرية والاستقلال. ومع تزايد الوعي الوطني واشتداد قبضة الاستعمار الفرنسي، انخرط في العمل النضالي السري، مستفيدًا من شبكة علاقاته الواسعة التي كوّنها من خلال نشاطه التجاري. كانت مهاراته التنظيمية وحنكته في التخطيط عنصرًا أساسيًا في دعمه للحركة الوطنية، حيث ساهم في تمويل الثورة وتوفير الدعم اللوجستي لها. كما كان له دور بارز في تهريب الأسلحة والمعدات الضرورية إلى المجاهدين، مستغلًا خبرته في التجارة والعلاقات الخارجية. مثّلت هذه المرحلة البداية الفعلية لمسيرته في خدمة القضية الوطنية، حيث سخّر إمكانياته لخدمة ثورة التحرير الجزائرية، ليصبح أحد الوجوه البارزة في دعم المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي.
محطات بارزة في نِضال المجاهد الراحل

انضم المجاهد الراحل مسعود زغار إلى حزب جبهة التحرير الوطني في عام 1954، حيث بدأ في بناء علاقات استراتيجية مع شخصيات محورية مثل عبد الحفيظ بوصوف و الرئيس الراحل هواري بومدين. وقد كان زغار أحد الداعمين الرئيسيين للثورة الجزائرية من خلال تسليح المجاهدين وجمع المعلومات الاستخباراتية. ساهم بشكل كبير في تزويد الثورة بالأسلحة والمعدات اللازمة، بما في ذلك أجهزة الاتصال اللاسلكي، مما عزز قدرة المجاهدين على التواصل والتنظيم بعيدًا عن أعين الاستعمار الفرنسي.

قام زغار بفتح مصنع للأسلحة في المغرب، حيث تم تمويه المصنع ليظهر كمنشأة لإنتاج الملاعق والشوكات تحت إشراف عمال أجانب، لكنه حول مستودعاته الخلفية إلى معمل سري لإنتاج البازوكا. وللحفاظ على سرية العملية، اعتمد زغار على أفراد عائلته وأقاربه فقط لتشغيل المصنع وضمان عدم اكتشافه من قبل السلطات الاستعمارية. من خلال هذه العملية، قدم للمجاهدين ما يقارب 20 طنًا من المتفجرات، التي كانت ضرورية لدعم المقاومة

بفضل إتقانه للغة الإنجليزية، نجح زغار في إقامة شبكة علاقات واسعة مع المسؤولين الأمريكيين، حيث تعرف على الشخصيات السياسية والمالية البارزة في تلك الحقبة، بما في ذلك الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون. وقد كان له دور محوري في إقناع نيكسون بعقد لقاء مع الرئيس الراحل هواري بومدين في البيت الأبيض عام 1974، مما شكل خطوة دبلوماسية هامة في تعزيز العلاقات بين الجزائر والولايات المتحدة بعد الاستقلال.

وفاته
بعد مسيرة حافلة بالإنجازات والنجاحات في خدمة القضية الوطنية، انتقل المجاهد الراحل مسعود زغار للعيش بين أمريكا و إسبانيا. ورغم بعده عن الجزائر، ظل ارتباطه العاطفي بوطنه قائمًا، حيث ظل يتابع باهتمام تطورات البلاد بعد الاستقلال، إلى أن وافته المنية في إسبانيا في 21 نوفمبر 1987 .تم نقل جثمانه إلى مسقط رأسه في مدينة العلمة، حيث أُقيمت له جنازة رسمية حضرها عدد من الشخصيات البارزة من داخل الجزائر وخارجها، تكريماً له ولتضحياته في خدمة الثورة الجزائرية والمقاومة ضد الاستعمار الفرنسي

المدرسة العليا للأساتذة مسعود زغار

ص.ب رقم 556 العلمة 19600 سطيف الجزائر

الهاتف: 036.47.00.01/02

036.47.00.03 :الفاكس

.