ملخص إشكالية التظاهرة

 

ديباجة الملتقى: تُشكل المصادر التاريخية قيمة حضارية تحفظ للأمم والحضارات والدول ذاكرتها وتاريخها وهويتها، موثقة مختلف الوقائع والتغيرات ومظاهر الإبداع الإنساني، حيث انبرى لهذه المهمة نخب المجتمع بمختلف تخصصاتهم المعرفية، فكان مقصدهم توثيق اللحظة التاريخية بما تحمله من إيجابيات وسلبيات ونقائص؛ نظرا لأداء الأدوار التي تكفل بها الإنسان. وإذا رُمنا تفصيل أنواع هذه المصادر فمنها ما يؤرخ للدول والرجال، وأخرى تؤرخ للعلوم والآداب والأفكار، ومنها ما يرصد مختلف الأنشطة الاقتصادية وظروف الحواضر والأرياف، وقد نال المغرب الأوسط خلال العصر الوسيط نصيبا من العناية من قبل الإخباريين والرحالة والجغرافيين وغيرهم؛ عندما رصدوا لنا الحياة السياسية، والأنشطة الاقتصادية، والأوضاع الاجتماعية، والحركية الثقافية، والمظاهر الدينية، ما جعل المادة المصدرية غنية بتنوع مضامينها وثرية بمتنها الذي يحمل حمولة مثقلة من المعلومات التي يستأنس ويؤسس بها الباحثون الآن دراساتهم التاريخية عن فترة مهمة من تاريخ الجزائر. ويمكن حصر أقسام المصادر التي أرخت لتاريخ المغرب الأوسط على وجه الإجمال فيما يتعلق بالأحداث والتحولات والعلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية فيما يلي: المصادر الإخبارية (مصادر التاريخ العام والجهوي والمحلي) وكتب التراجم والطبقات والبرامج والأثبات، وكتب الجغرافيا والبلدان والرحلة، وكتب الأنساب والقبائل، وكتب التصوف والمناقب، وكتب الفقه والنوازل والأحكام والحسبة والوثائق)، بالإضافة إلى الدواوين الشعرية والمقامات والرسائل، وكتب الزجل والأمثال الشعبية. وكل صِنف من هذه المصادر يحمل خصائص تتباين طرائق تأليفها حسب موضوعاتها ونمط تدوينها، ومختلفة في حجم الاستفادة منها حسب قيمة متونها، فهي ذات فائدة كبيرة، تتطلب من المشتغل عليها أن يفقه آليات الاستنباط، آخذا نُصب عينه مختلف المحاذير التي يمكن أن تحملها؛ سواء من ناحية دواعي الكتابة التي يمكن أن تكون موجهة في سياقات متعددة، أو الخلفيات الفكرية التي تصدر عن صاحب النص الذي يُلبس النص لُبوسا مذهبيا أو سياسيا أو غيرها، بالإضافة إلى النسبية في الخبر وغيرها من المؤاخذات، مما يجعل النص المصدري غير مقدس وفتح المجال أمام المقاربات النقدية المختلفة لأجل تلمّس مضمراته وفك ألغازه وكشف سردياته، وبالتالي مقاربة الحقيقة ما أمكننا ذلك. وعلى الرغم من هذا لا يمكن إلغاء النص المصدري وتحييده بداعي التحفظات عليه، إنما يمكن استثماره في فتح آفاق بحثية للباحثين في أبحاثهم وللطلبة في أعمالهم بالانفتاح على مقاربات متعددة، ومواضيع كثيرة، فالنص المصدري ولاّد للأفكار بشرط معرفة طرق الاستثمار فيه

إشكالية الملتقى: ينطلق هذا الملتقى من تساؤل رئيسي: كيف للمصادر التاريخية المتعلقة بالمغرب الأوسط خلال العصر الوسيط أن تسهم في بناء فهم شامل لماضي هذا المجال، مع مراعاة النقد العلمي والمحاذير المنهجية؟ وضمن هذا السؤال العام فإننا نبحث عن أجناس المصادر التي أرخت لتاريخ المغرب الأوسط خلال العصر الوسيط، ودورها في إبراز مختلف جوانب حياة المجتمع سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ودينيا؟ وإلى أي مدى نتحرز من هفواتها أو موجهات نصوصها ونراعي "إنسانية" النص؟ وما مدى نجاعتها في إمداد الباحثين والطلبة بالمعطيات التاريخية عن مواضيع مختلفة للاستفادة منها في إعداد البحوث ومذكرات التخرج؟

لتحميل المطوية الرجاء الضغط هنا